
الجزائر الكبيرة… وعدتْ فوفّتْ!
سطّرت الجزائر اسمها من جديد كقوة اقتصادية إفريقية صاعدة، بعد أن حوّلت النسخة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية (IATF 2025) إلى محطة عالمية لإبرام الصفقات الكبرى، محققة 48.3 مليار دولار من العقود التجارية والاستثمارية، حيث كانت حصة الجزائر من الصفقات 11.4 مليار دولار وهو ما يوازي 23 بالمائة منها، وفرص تصدير 11.6 مليار دولار، نسخة للتجربة
الأرقام القياسية التي سجلتها طبعة الجزائر، والإجماع التاريخي من مسؤولي أفريكسيم بنك والاتحاد الإفريقي وزليكاف، رسخت مكانة الجزائر كقلب نابض للتكامل الاقتصادي الإفريقي، في دورة اعتُبرت الأفضل في تاريخ المعرض.
واختُتمت هذه الطبعة بحفل رفيع احتضنته قاعة الساورة بقصر المعارض، بحضور رسمي وسياسي وازن تقدمهم رئيس ديوان رئاسة الجمهورية بوعلام بوعلام، ومستشار رئيس الجمهورية كمال سيدي السعيد، إلى جانب وزراء وممثلي أفريكسيم بنك وزليكاف، كما حضر الرئيس النيجيري الأسبق أولوسيغون أوباسانجو، الرئيس الاستشاري للمعرض، في مشهد أكد ثقل الجزائر الإفريقي والدولي.
بالأرقام… هذه نتائج معرض التجارة البينية
كشف مدير تسهيل التجارة وتعزيز الاستثمار على مستوى بنك الاستيراد والتصدير الإفريقي (أفريكسيم)، جينمور زاناموي، أن النسخة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية IATF 2025، التي احتضنتها الجزائر، حققت حصيلة قياسية مقارنة بنسخة 2023، مؤكداً أن الأرقام المسجلة تعكس المكانة التي باتت تحظى بها الجزائر كمحور اقتصادي إفريقي ودولي.
وأوضحت الورقة النهائية للتقييم (Final Report Card) أن المعرض شهد مشاركة 20 شخصية رفيعة المستوى، من بينهم 14 رئيس دولة وحكومة، إضافة إلى 6 وزراء ونواب وزراء، مقابل 8 شخصيات فقط في النسخة السابقة. كما ارتفع عدد العارضين إلى 2,148 عارضاً، منهم 1923 شاركوا حضورياً و225 افتراضياً، في حين بلغ العدد في 2023 حوالي 1,939 عارضاً.
وعرفت دورة الجزائر توسعاً ملحوظاً في تمثيل الدول، إذ شاركت 49 دولة إفريقية و21 دولة غير إفريقية، أي ما مجموعه 70 دولة، بينما اقتصرت المشاركة في النسخة الماضية على 48 دولة إفريقية و17 غير إفريقية. كما تميزت فعاليات هذا الحدث بتنظيم 9 أيام خاصة، منها “يوم الجزائر” و”يوم الصناعة الجزائرية” و”يوم إفريقيا العالمي”، إضافة إلى أيام مخصصة لدول ككينيا وتونس وزامبيا وزيمبابوي وكوت ديفوار، مقابل 4 أيام خاصة فقط في دورة 2023.
وعلى صعيد المعاملات التجارية، بلغ إجمالي العقود التجارية والاستثمارية 48.3 مليار دولار، منها 11.6 مليار دولار عبارة عن فرص تصدير جديدة للشركات الجزائرية، في حين سجلت النسخة السابقة 43.77 مليار دولار. كما ارتفع عدد المشترين إلى 958 مقارنة بـ698 في 2023، ما يعكس حجم الاهتمام الدولي بالفرص التي يوفرها المعرض.
وشهد الحدث كذلك قفزة في عدد الزوار والمشاركين، إذ بلغ الإجمالي 112,476 مشاركاً، منهم 60,650 حضوري و51,826 افتراضي عبر منصة IATF Virtual، إضافة إلى 144,122 مشاهدة عبر قناة Afreximbank TV Virtual. ويمثل ذلك تضاعفاً يقارب أربعة أضعاف مقارنة بـ28,282 مشاركاً في النسخة السابقة.
وأكد زاناموي أن هذه الأرقام تثبت أن الجزائر لم تكتفِ باحتضان أكبر تظاهرة تجارية إفريقية، بل حولتها إلى محطة عالمية لإبرام الصفقات التجارية، وإبراز قدرات الدول الإفريقية في مجالات الصناعة والتجارة والاستثمار.
العربي لطرش: الأرقام تتكلم عن نفسها.. والجزائر فعلتها!
وفي سياق متصل، أشاد محافظ النسخة الرابعة من معرض التجارة البينية الإفريقية، العربي لطرش، بالدور الكبير الذي لعبته الجزائر في إنجاح هذه الطبعة الاستثنائية، مؤكداً أن الأرقام “تتكلم عن نفسها”، إذ سجل المعرض لأول مرة مشاركة غير مسبوقة لشخصيات عالمية رفيعة المستوى، إلى جانب توقيع التزامات وعقود تاريخية، ستسمح حتى للجزائر بالاستيراد من دول إفريقية شقيقة، في خطوة تعكس عمق التكامل الاقتصادي القاري.
وأكد لطرش أن الجزائر سخّرت كافة الإمكانات لضمان تنظيم محكم لهذا الحدث، حيث جرى تخصيص أكثر من 25 ألف متر مربع للأجنحة المخصصة للدول المشاركة، إضافة إلى توفير مركبات ووسائل لوجستية وخدمات متكاملة لتسهيل عمل العارضين والوفود الرسمية.
صندوق لتمويل 30 مؤسسة ناشئة إفريقية بأمر من الرئيس تبون
كما كشف العربي لطرش أن 30 مؤسسة ناشئة شاركت في المعرض، بناءً على تعليمات مباشرة من رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون سيتم مرافقتها، والذي أمر بإنشاء صندوق خاص لدعم المؤسسات الناشئة الإفريقية، بمشاركة هذه المؤسسات، بهدف تمويل المبادرات الشبابية وتعزيز قدرات الشباب والابتكار في القارة.
وخلال كلمته الرسمية، قال لطرش: “لقد نجحنا… فعلناها، حيث اجتمع عشرات الآلاف من الزوار والعارضين وممثلي الشركات والبنوك ومسؤولي منطقة التجارة الحرة الإفريقية (زليكاف) في الجزائر لاستكشاف فرص العمل وتشجيع التكامل الثقافي والاقتصادي الذي تزخر به قارتنا”.
وأضاف المتحدث: “يجب تحقيق التكامل في إطار برنامج إفريقيا 2063، فالمستقبل هو مستقبل قارتنا، وهو ما سبق وأن أكده رئيس الجمهورية في كلمة الافتتاح”.
وأضاف لطرش أن هذه الطبعة حملت التزامات تاريخية، مؤكداً أن “مستقبل القارة متوقف على بناء بنية تحتية متكاملة، والجزائر ستظل وفية لمبادئها ونهجها في تحرير القارة وتعزيز التعاون بين دولها”.
وشكر محافظ المعرض باسم اللجنة المنظمة رئيس الجمهورية على دعمه ومتابعته المستمرة للتحضيرات منذ بدايتها، موجهاً التحية إلى بنك الاستيراد والتصدير الإفريقي (أفريكسيم بنك) وكافة الهيئات الشريكة على التحضير الجيد والعمل الجماعي الذي “توّج بنجاح الحدث وجعل طبعة الجزائر استثنائية بكل المقاييس”.
وأكد محافظ المعرض أن النجاح اللافت لهذه الطبعة يعكس “التزام الجزائر العميق بالعمل الإفريقي المشترك، واستعدادها الدائم لدعم التكامل الاقتصادي والتجاري بين دول القارة، بما يخدم مصالح شعوبها ومستقبلها”.
تكريم خاص للأجنحة واستعراض ثقافي جزائري
وشهد حفل اختتام معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر تكريمًا خاصًا لأفضل الأجنحة المشاركة، حيث حصد جناح زيمبابوي جائزة أفضل جناح لمنظمة أو دولة، إضافة إلى تتويجه بجائزة أفضل جناح من حيث التفاعل مع الزوار. أما جناح نيجيريا فقد نال جائزة أفضل جناح في مجال التشبيك والتحويلات، بينما فازت ولاية أوغو النيجيرية بجائزة أفضل جناح من حيث الاستدامة.
كما حصدت وزارة الثقافة والفنون الجزائرية جائزة جناح الإبداع، فيما فازت فيات ستيلانتيس بجائزة أفضل جناح للسيارات، ليُختتم التكريم بمنح جوائز مالية تراوحت بين 4 و10 آلاف دولار لأفضل الشركات الناشئة في عدة أصناف، حيث تم اختيار أفضل ثلاثة مشاريع في كل فئة.
وتخلّل الحفل عرض كوريغرافي مميز لرقصات الباليه من مختلف ولايات الوطن، وسط تفاعل كبير من الجمهور داخل القاعة الساحرة التي احتضنت الحدث، بمشاركة أكثر من 1200 شخص.